سورة النبأ - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النبأ)


        


{عَمَّ} أصلَه: عن ما فأدغمت النون في الميم وحذفت ألف {ما} كقوله: {فيم} و{بم}؟ {يَتَسَاءَلُونَ} أي: عن أي شيء يتساءلون، هؤلاء المشركون؟ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى التوحيد وأخبرهم بالبعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم فيقولون: ماذا جاء به محمد؟ قال الزَّجاج: اللفظ لفظ استفهام ومعناه التفخيم، كما تقول: أي شيء زيد؟ إذا عظمت أمره وشأنه. ثم ذكر أن تساؤلهم عماذا فقال: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} قال مجاهد والأكثرون: هو القرآن، دليله: قوله: {قل هو نبأ عظيم} [ص- 67] وقال قتادة: هو البعث. {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} فمصدّق ومكذّب {كَلا سَيَعْلَمُونَ} {كلا} نفي لقولهم، {سيعلمون} عاقبة تكذيبهم حين تنكشف الأمور. {ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} وعيد لهم على أثر وعيد. وقال الضحاك: {كلا سيعلمون} يعني الكافرين، {ثم كلا سيعلمون} يعني: المؤمنين، ثم ذكر صنعائه ليعلموا توحيده فقال: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا}.


{لِنُخْرِجَ بِهِ} أي بذلك الماء {حَبًّا} وهو ما يأكله الناس {ونباتًا} ما تنبته الأرض مما تأكله الأنعام. {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} ملتفة بالشجر، واحدها لَفٌ وليف، وقيل: هو جمع الجمع، يقال: جنة لفَّا، وجمعها لُفٌ، بضم اللام، وجمع الجمع ألفاف. {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ} يوم القضاء بين الخلق {كَانَ مِيقَاتًا} لما وعد الله من الثواب والعقاب. {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} زمرًا زمرًا من كل مكان للحساب. {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ} قرأ أهل الكوفة: {فُتِحَتِ} بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد، أي شُقَّت لنزول الملائكة {فَكَانَتْ أَبْوَابًا} أي ذات أبواب. وقيل: تنحلّ، وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وطرق.


{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} عن وجه الأرض {فَكَانَتْ سَرَابًا} أي هباءً منبثًا لعين الناظر كالسراب. {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} طريقًا وممرًا فلا سبيل لأحد إلى الجنة حتى يقطع النار.
وقيل: {كانت مرصادا} أي: معدة لهم، يقال: أرصدت له الشيء إذا أعددته له.
وقيل: هو من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته. والمرصاد المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو. وقوله: {إن جهنم كانت مرصادا} أي ترصد الكفار.
وروى مقسم عن ابن عباس: أن على جسر جهنم سبع محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله، فإن أجابها تامة جاز إلى الثاني، فيسأل عن الصلاة، فإن أجابها تامة جاز إلى الثالث، فيسأل عن الزكاة، فإن أجابها تامة جاز إلى الرابع، فيسأل عن الصوم فإن جاء به تامًا جاز إلى الخامس، فيسأل عن الحج فإن جاء به تاما جاز إلى السادس، فيسأل عن العمرة فإن أجابها تامة جاز إلى السابع، فيسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلا يقال: انظروا فإن كان له تطوع أكمل به أعماله، فإذا فرغ منه انطلق به إلى الجنة. {لِلطَّاغِين} للكافرين {مَآبًا} مرجعا يرجعون إليه. {لابِثِينَ} قرأ حمزة ويعقوب: {لَبِثْينَ} بغير ألف، وقرأ العامة {لابثين} بالألف وهما لغتان. {فِيهَا أَحْقَابًا} جمع حُقب، والحُقب الواحد: ثمانون سنة، كل سنة اثنا عشر شهرًا، كل شهر ثلاثون يوما، كل يوم ألف سنة. روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال مجاهد: الأحقاب ثلاثة وأربعون حقبًا كل حقب سبعون خريفًا، كل خريف سبعمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم ألف سنة.
قال الحسن: إن الله لم يجعل لأهل النار مدة، بل قال: {لابثين فيها أحقابا} فوالله ما هو إلا إذا مضى حقب دخل آخر ثم آخر إلى الأبد، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود.
وروى السدي عن مُرَّة عن عبد الله قال: لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا، ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا.
وقال مقاتل بن حيان: الحقب الواحد سبع عشرة ألف سنة. قال: وهذه الآية منسوخة نسختها {فلن نزيدكم إلا عذابا} يعني أن العدد قد ارتفع والخلود قد حصل.

1 | 2 | 3